المراقبة الدقيقة … اولى خطوات النجاح

Deep Observation

عندما نتحدث عن الدخول في مجال جديد او دعنا نكون اكثر وضوحا … لنقل مثلا هذا هو اليوم الأول لك في الوظيفة الجديدة…

ما هي اكثر الافكار التي تدور في ذهنك …؟

وما هي اكثر الاشياء المسيطرة على تفكيرك …؟

حسب خبرتي القليلة وجدت من خلال عدد من المقابلات مع شباب في مقتبل حياتهم العملية ، سيطرت على تفكيرهم وجميع حواسهم فكرة اساسية وهي …

كيف الفت انتباه الجميع الي عملي … واحصل على تقديرهم …!

هذا ليس بالسيء ولا بالجيد ايضا ….! نعم هذا بكل تأكيد ليس المطلوب منك في اول ايام عملك الجديد. تلك الجينات المتوارثة لدينا والتي نتناقلها لااراديا من جيل لآخر تحتاج الى اعادة هيكلة وتأهيل . فكل جيل يجب ان يطور من مهاراته وسماته الشخصية تبعا للظروف المحيطة والبيئة التي نعيش فيها وظروف العمل المتاح امامنا وما نستطيع ان نقدمه ونتعلمه….. وهنا اصل الى اهم نقطة ….. التعلم.

نعم التعلم هنا هو المطلوب. ليس عليك ان تجعل هذه الفكرة هي المسيطرة عليك ، لا تجعلها تستحوذ على عقلك وتفكيرك وتنسيك ما هو الاهم من هذا كله. فهي من شأنها ان تنقلب ضدك وليس معك…!

عليك بأن تتعلم وتتعلم وتراقب وتدرس كل ما يدور حولك ، فتلك المهارات هي التي ستزيد من حصتك وتعلي من قدرك عند رؤسائك. يجب ان تفسج المجال امام نفسك لتتعلم. عليك ايضا ان تتخلى عن اي افكار مسبقة تكون قد كونتها عن مجال عملك الجديد.

اذا ما اردتتن تثير  اعجاب مديرك في الشهور الاولى لك ، فهذا يجب ان يكون بناء على الجدية في عملك ورغبتك في تحصيل وتعلم كل ما هو جديد . وليس لأنك تحاول ان تصل للقمة دون ان تكون مستعدا.

 

حقيقتين مهمتين … 

هناك حقيقتين يجب ان تتعرف عليهما في هذا العالم الجديد.

الحقيقة الاولي : 

سوف تلاحظ القواعد والاجراءات التي تحكم هذه البيئة … بكلمات بسيطة … سوف ترى كيف يدار العمل في المؤسسة كلها.

بعض هذه القوانين سوف تصل اليك وتتعرف عليها مباشرة وهنا يجب ان تحرص على الانتباه جيدا لها. وهناك ايضا عدد من القواعد التي تعتبر انعكاسا لشخصية المدير سواء كان رجلا او امرأة . والتي ستتعرف عليها لاحقا اثناء احتكاكك المباشر به / بها.

يمكنك ان تستخلص كل هذه القواعد والقوانين من خلال متابعتك ومراقبتك لفريق العمل ومن هم اعلى رتبة منك ومن يمكلون لمسة سحرية وفعالة في العمل.

 

الحقيقة الثانية :

تتمل هذه الحقيقة في الروابط القوية والعلاقات التي توجد بين افراد فريق العمل. من لديه بالفعل قدرة التحكم ، من يملكون موهبة التحاور والاتصال مع بعضهم البعض ، من يوجد في المقدمة ومن اكتفي بالمقعد الاخير.

ممكن ان تنخدع بشخصية ما أو بتصرف ما من احد الاشخاص ، ولكن لا يهمك فكل ما عليك ان تقوم به هو ان تكون اساس ثابت الى حد ما حول هذه البيئة الجديدة. فأنت لست هناك لتغير من ثقافاتهم ولا لتتعدى على ملكياتهم الفكرية اذا ما حاولت فعل ذلك فأمامك واحد من نهايتين :

اما ان تقتل ….

او تطرد فورا من العمل …!

عليك بالتحلي بالذكاء الكافي حتى تملك القوة والقدرة الكافية لتعيد صياغة هذه القوانين البسيطة التي وضعوها.

كن كطبيب التشريح الذي يدرس كائنا فضائيا ويحاول ان يتعرف على حواسه واعضاءه وكل ما يملكه من اسرار وخفايا.

 

استفد من كل شيء مهما كان صغيرا …!

حاول ان تخلق فرصة للتعلم من اقل عمل تحصل عليه. لا يوجد ابدا تفاصيل تافهة ، هناك تفاصيل صغيرة غير مهمة او مهمة … وتلك الغير مهمة اذا ما وضعتها في ذاكرتك سوف تكون مهمة في وقتها. مع مرور الوقت سوف تبدأ في فهم واستيعاب ذلك المجتمع الذي اهابك في بداية الامر. ستبدأ الامور في الظهور بمزيد من الوضوح ، مع كم المعلومات التي قمت بتخزينها وتحليلاتك السريعة للأمور . ولكن هذا ليس بين ليلة وضحاها وانما بعد مرور شهور قليلة ستصل حتما الى هذه المرحلة اذا ما ملكت المهارات اللازمة لذلك.

قد يتحول من كان صقرا في نظرك إلى مجرد فأر والعكس صحيح .

مثال :

تشارلز داروين ، ذلك العالم الذي بدأ اشهر ابحاثه باتباع نفس الاسلوب ، حيث قضي شهوره الاولي على ظهر سفينة يدرس انماط الحياة ويحاول ان يدرك تلك القوانين الغير مكتوبة ، حاول جاهدا ان يجعل وقته اكثر انتاجا واثمارا. اعتمد كليا على الترب والتتبع ودراسة كل التفاصيل دون الاعتماد على اي تصنيفات سابقة للكائنات الحية او للحياة عامة ، لم يعتمد على اي افكار او نظريات سابقة نشرت حول الحياة البرية ، ولا حول الكائنات التي تعيش في البرية وكيف هي نهج حياتها .

“داروين” قام بتدريب نفسه ليرى الاشياء كما هي مجردة من اي افكار سابقة ترسخت في عقله من قراءاته او دراساته. بعد ما حصل المعلومات الكافية من خلال مراقبته عمليا قام بنشر ما احدث طفرة كبرى في عالم تطور الكائنات الحية والحياة على الارض.

 

خاتمة:

نخلص من هذا كله إلى ان هذه النقاط الهامة :

اولا تعرف على بيئتك الجديدة وتعلم كيف تتخطى الاخطاء التي ستقع فيها وكيف تتجنبها.

كن صيادا ماهرا ، بمعنى ان تبحث دائما عن التفاصيل الصغيرة ولا تهملها مهما كانت دقيقة.

عملية المراقبة ليست بالسهلة او بالبسيطة وانما تحتاج الى جهد ومهارة عالية حتى تتحول شيئا فشيئا إلى منهج لحياتك تساعدك على النجاح في الصبر على اي ازمة او مصاعب تواجههك.

تدريجيا سوف تملك عينا ثاقبة وثقافة عالية وقدرة كبيرة على التركيز.

في النهاية ستصبح صاحب منهج علمي صحيح في دراسة اي موقف : جمع المعلومات والمعطيات اللازمة – مقارنة المعطيات بالافكار المتاحة والنظريات المطروحة – ثم التوصل للحل الامثل بعد دراسة وافية وتحليل دقيق.

 

مقالات ذات صلة